تتعاظم أهمية إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية، نظرًا للدور الذي تؤديه هذه التقنية في عملية خفض الانبعاثات الكربونية، وللاستفادة من المعادن النادرة الموجودة بمكوناتها.
وبلغت القدرة العالمية على إعادة تدوير بطاريات المركبات الكهربائية أكثر من 300 غيغاواط/ساعة سنويًا في 2023، كان للصين نصيب الأسد منها بنسبة 80%، متقدمة بفارق كبير عن أوروبا والولايات المتحدة (2% لكل منهما)، وفقًا لتقرير حديث حصلت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
ويرغب المطورون والمستثمرون في الصناعة الدخول بكل قوة إلى سوق إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية، من خلال التوسع الكبير في القدرات الحالية، والاستفادة من توافر مزيد من مخزون المركبات الكهربائية المتقادمة.
سوق إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية
في إطار السعي للتحول السريع نحو التنقل الكهربائي عبر تعزيز سلاسل توريد السيارات الكهربائية وتعظيم الفوائد البيئية للبطاريات، أُعلِن عدد من المشروعات العالمية التي تستهدف إعادة تدوير البطاريات.
وفي حال تطوير هذه المشروعات في الوقت المحدد، فإن سعة إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية ستتجاوز 1500 غيغاواط/ساعة بحلول عام 2030، 70% منها في الصين، و10% في كل من أوروبا والولايات المتحدة، بحسب تقرير حديث صادر عن وكالة الطاقة الدولية.
ومع أهمية إعادة تدوير البطاريات من الناحية البيئية، فإنها تضمن سلسلة توريد دائرية للسيارات الكهربائية، وتسهم في إدارة الطلب على المعادن؛ لذلك هناك حاجة ملحّة إلى وضع إستراتيجية ناجحة وتطوير هذا القطاع الناشئ.
وبحسب محللي شركة أبحاث السوق العالمية "ألايد ماركت ريسيرتش"، فإن قيمة سوق إعادة تدوير بطاريات المركبات الكهربائية العالمية بحلول 2028 قد تصل إلى 18 مليار دولار، مقارنة بـ11 مليار دولار في 2022.
مصادر توريد البطاريات
مع نهاية العقد الحالي، فإن خردة إنتاج البطاريات، وبطاريات المركبات الكهربائية المستعملة، ستشكّلان 50% و20% على الترتيب من مصادر الإمداد الرئيسة لمصانع إعادة تدوير البطاريات في عام 2030، وفق التقرير الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
وتظل مواد "الخردة" في حالة بدائية تقريبًا، ومن ثم يكون من الأسهل والأرخص إعادة تدويرها لتصنيع بطاريات جديدة.
وتشير خطط التوسعات الحالية في سوق إعادة تدوير البطاريات إلى وجود فائض كبير متوقع، بنهاية العقد الحالي، في قدرة التصنيع.
وخارج الصين، تمثّل أوروبا والولايات المتحدة أسواقًا كبيرة في السيارات الكهربائية، ولكن الاستثمارات في إعادة تدوير البطاريات ما تزال ناشئة، وتحتاج إلى أن تنشط بشكل أكبر عبر التعهدات إلى قرارات استثمار نهائية.
كيمياء البطاريات
من الناحية التقنية، يؤدي التطور الكيميائي للبطاريات دورًا كبيرًا حاسمًا للتوسع في عملية إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية بنهاية العقد الحالي.
وفي الوقت الحالي، تنقسم كيمياء البطاريات إلى نوعين رئيسين: أكسيد النيكل والمنغنيز والكوبالت (NMC) وفوسفات الحديد والليثيوم (LFP)، ولكل واحدة منهما ميزة تختلف عن الأخرى.
فالنوع الأول (NMC) هو الأكثر ملاءمة للدخول في عمليات إعادة التدوير، إذ تدخل في مكوناته نسبة كبيرة من المعادن النادرة، بعكس بطارية فوسفات الحديد والليثيوم التي ستكون لديها قيمة متبقية أقلّ بعد عملية إعادة التدوير، وتحتاج إلى المزيد من الدعم السياسي حتى تكون إعادة تدويرها مجدية تقنيًا واقتصاديًا.
الدعم السياسي لإعادة التدوير
من الضروري أن تضع الحكومات سياسات تدعم سوق إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية عبر إجراءات من شأنها أن توفر استدامة عمليات إعادة التدوير، وتراعي السلامة والجودة.
وأعلنت الصين نهاية العام الماضي اتخاذ إجراء جديد من شأنه تحديد مسؤولية إعادة تدوير بطاريات المركبات الكهربائية وتوفير نظام لتتبّعها لدى مصنّعي السيارات والبطاريات، وذلك لجذب مزيد من المستثمرين وتقديم حوافز للمستهلكين.
وأقدمت الصين على هذا الإجراء بسبب النمو المتزايد لسوق إعادة تطوير البطاريات داخل البلاد من قبل مستثمرين صغار، وهو ما يثير القلق بشأن عدم اتّباع القواعد التنظيمية، أو الافتقار للخبرة واشتراطات السلامة والبيئة والجودة من قبل شركات غير محددة.
وفي أوروبا، توجد لوائح تنظيمية تخصّ تصنيع إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية، ولكنها تحتاج إلى أن تكون أكثر شمولية لتغطي جوانب التصنيع كافة.
وفي هذا الصدد، من المهم التركيز على عمليات نقل البطاريات منتهية الصلاحية، وتحسين أنظمة التتبع ومعايير السلامة والبيئة، وهذا الأمر أكثر أهمية؛ نظرًا لأن التوزيع الجغرافي المستقبلي للبطاريات المستعملة غير مؤكد.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
