لمواجهة المخاطر المستقبلية.. مصرفيون يطالبون بتعديل الفائدة على أدوات الدين

لمواجهة المخاطر المستقبلية.. مصرفيون يطالبون بتعديل الفائدة على أدوات الدين

 

قال خبراء مصرفيون إن المستثمرين طلبوا فائدة مرتفعة على أدوات الدين الحكومية -سندات الخزانة- بهدف مواجهة المخاطر المستقبلية التي تشهدها الأسواق العالمية والمنطقة بسبب الأحداث الجيوسياسية.

وأضاف المصرفيون أن رفع المركزي الفائدة 6% في آخر اجتماع له، مثل عبئًا على بعض البنوك في توظيف السيولة التي جمعتها من المواطنين بسعر عالٍ، بالتزامن مع تباطؤ الإقراض لارتفاع تكلفته.

كل ذلك لعب دورًا في طلب البنوك عائد مرتفع على سندات الخزانة، لكن المصرفيون أكدوا أن رفض المالية لزيادة الفائدة لن يكون له أي تأثير على السوق.

وأظهرت بيانات البنك المركزي عن رفض بيع سندات الخزانة في آخر عطاء يوم الاثنين الماضي بعد زيادة سعر الفائدة المطلوب من المستثمرين إلى حد 35%.

وطرح البنك المركزي، نيابة عن وزارة المالية، الاثنين الماضي، سندات خزانة ذات عائد ثابت بقيمة 4 مليارات جنيه لأجل 3 سنوات، وبدورية صرف عائد نصف سنوية وسعر كوبون 25.151%.

وتعد سندات الخزانة إحدى أدوات التمويل، إلا أن آجال استحقاقها طويلة تتراوح بين السنتين و20 عاماً، وتتنوع بين سندات حكومية وسندات تصدرها الشركات.

وفيما تعتبر أذون الخزانة أدوات دين حكومية قصيرة الأجل، تصدر لآجال تتراوح بين 3 و12 شهراً، أي أقل من عام، وتتميز بأنها أدوات مالية منخفضة المخاطر، حيث يتم تداولها في أسواق المال بيعاً وشراءً. وعند حلول تاريخ الاستحقاق تلتزم الحكومة بدفع قيمتها.

 

أسباب طلب فائدة مرتفعة على السندات

وقال مدير قطاع الخزانة بأحد البنوك الحكومية الكبرى في تصريحات خاصة إن رفض المالية بيع السندات بفائدة مرتفعة، جاء مدفوعا بتأثير الفائدة المرتفعة على الموازنة العامة للدولة.

وأوضح مدير القطاع أنه من ناحية المستثمرين، فمن الطبيعي أن تطلب المؤسسات المالية مثل البنوك فائدة مرتفعة على أدوات الدين طويلة الأجل، خاصة أن المركزي رفع الفائدة 6% في آخر اجتماع للجنة السياسة النقدية، بهدف سحب البنوك للسيولة المحلية من الأسواق لتحجيم التضخم.

وأضاف أن البنوك تطرح شهادات مرتفعة العائد تصل إلى 27%، لاسيما أن معدلات نمو إقراض البنوك للعملاء انخفضت بسبب ارتفاع تكلفة تمويل العميل.

وفي 6 مارس الماضي، قررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري في اجتماعها الاستثنائي رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.25% و28.25% على الترتيب، كما ارتفعت سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي لتصل إلى 27.75%، وأيضا سعر الائتمان والخصم إلى 27.75%.

وأضاف مدير قطاع الخزانة أن كل تلك العوامل دفعت المستثمرين لطلب فائدة مرتفعة لتوظيف السيولة التي جمعتها بسعر عالي من المواطنين، ما يؤثر على أرباحها في العام المالي المقبل.

وأكد أن ذلك لن يكون له تأثير على السوق المحلية، لأن المؤسسات في حاجة إلى توظيف أموالها ما تضطر إلى التوجه إلى شراء السندات بفائدة أقل في العطاءات المقبلة.

 

حق المالية في قبول فائدة مناسبة  

من جانبه، قال وليد ناجي، نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقاري، إن وزارة المالية ترى أن سعر الفائدة عالي جدًا ومبالغ به، وإذا انتظرت بعض الوقت قد تتراجع الفائدة في المزادات المقبلة.

وحول انعكاس رفض المالية لقبول قيم العطاءات المطلوبة في سندات الـ 3 سنوات، قال وليد ناجي إن هذا سيدفع إلى تواجد تلك السيولة في السوق ما يؤدي إلى ارتفاعها، وسيكون أمام المستثمر مسارين إما إيداعهم بالبنك المركزي أو توظيفهم بصورة أخرى من مناحي الاستثمار.

وتابع: “لكن وزارة المالية في العطاءات المقبلة ستقبل سندات الخزانة لكن بالفائدة المناسبة للوضع الراهن”.

محمد البيه الخبير المصرفي، قال إن الاجراءات التي اتخذها البنك المركزي مؤخرًا من تحرير سعر الصرف يحب أن تعكس قوى العرض والطلب وفقًا للالتزامات الدولية لمصر، تزامن معها تحريك لسعر الفائدة بنسبة 6%، بهدف سحب السيولة منعًا لحدوث مضاربة على العملة الأجنبية، كل ذلك ألقى بظلاله على الفائدة لأدوات الدين الحكومية ودفعها للصعود.

وأشار البيه إلى ارتفاع الفائدة على أدوات الدين قصيرة الأجل في الفترة الأخيرة مدفوعًا بنظرة المخاطر من الأسواق الدولية للدين الحكومي.

وأضاف أن أغلب المستثمرين تُفضل ضخ السيولة الخاصة بها بأدوات الدين قصيرة الأجل لمخاطرها المنخفضة، مقارنة بسندات الخزانة التي تحتاج لعدة سنوات يتزامن معها تغيرات كبيرة في الاسواق قد يعقبها ارتفاعات كبيرة في مستويات التضخم، لا تقدر الفائدة المحددة على تحجيمها.

 

طرح سندات جديدة

من جانبها، قالت سهر الدماطي النائب السابق لرئيس مجلس إدارة بنك مصر، إن وزارة المالية لها الحق في رفض سعر الفائدة المرتفع لأنه يمثل عبء على الموازنة، وهو أمر طبيعي حدث أكثر من مرة، لاسيما أن الوزارة ستطرح سندات جديدة متوقعة بعد الرفض الأخير ما سيدفع المستثمرين إلى طلب شراء السندات لكن بسعر فائدة أقل.

وأوضحت أن المستثمرين لجأوا لسعر فائدة مرتفع لمواجهة سعر الكوريدور الذي تمنحه المؤسسات المالية على الأوعية الإدخارية للمواطنين، لاسيما أن سندات الخزانة أجلها أكبر فتكون المخاطر بها أعلى من أذون الخزانة، ما تدفع المستثمرين لطلب فائدة أعلى لمواجهة تلك المخاطر، بشكل خاص المخاطر الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة.

وحذرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني نهاية يناير الماضي من أن التداعيات الأوسع للصراع في غزة تزيد من المخاطر التي تواجه الدول المجاورة، مشيرة إلى أن “الحرب طويلة الأمد في غزة وما يرتبط بها من انتشار الصراع إلى المناطق المجاورة يزيد من المخاطر التي تواجه الدول في المنطقة وخاصة مصر”.