أخبار عاجلة
كانتي يعود لقائمة منتخب فرنسا قبل يورو 2024 -
العراق يستضيف قمة الجامعة العربية 2025 -

العمــلات الرقمـية.. أصــول بلا هويـة 

العمــلات الرقمـية.. أصــول بلا هويـة 
العمــلات الرقمـية.. أصــول بلا هويـة 

في مطلع التسعينات الميلادية بدأ الظهور الأول للأصل الأكثر تذبذبًا على الأطلاق بين أخواتهـا الأصـول الأخرى والأكثر ضجيجًا بين مؤيد ومعارض لها، وبقي هذا الخِصام الطويل وعدم اليقين حتى بلغت من العمر ثلاثة عقود، لـم تلقى رواجــًا هائلًا كما هو عند الظهور الأول للسندات في مطلع القرن السادس عشر الميلادي أو كما هو مع الأخـت العظمى للأصول جميعها، الأسهم، التي تصدرت المشــهد لزمن طويل دون أن تتلقى الكثير من الضربات المدوية والنقد على العكس تمامًا فهي الملهم الأول للعلوم المالية وأحاديث الثراء والمنطقية، الحديث هنا عن الأخت التي لـم تنضج بعد ” العملات الرقميـة “، التي رُزِقــت بمولودها الأول الصغير ” بيتكوين ” تحت أنقاض الأزمة المالية العالمية 2008م من والِد بهوية غير معروفة أثارت الكثيـر من الجدل حتى اليوم ” ساتوشي ناكاموتو “.

العملات المشفـرة أو ” كريبتوكرنسي ” هي أبـرز شكل من أشكال العملات الرقمـية الحـالية في العـالم وتعتبر وسيلة دفع بديـلة عن النظام التقليدي، وهي عملات مدعـومة بعمليات التشفير، وهذه العمـليات تعتمد على خوارزمـيات معيـنة شديدة التعقيـد، وهذه العملات المشفرة تعمل كعمـلة ولها نظام محاسبي افتراضي خاص بها، ولا ترتبط في أي بنك مركزي ولا لأي نظام مالي عالمـي على الأطلاق. للاستثمار في هذه العملات المشـفرة لابد من أن يكون للمستثمر محفظة مشفرة خاصة به وتكون على شكل خدمة سحـابية أو مخزنة على الجهاز الخاص به، وهي تعتبر محفظة رقمية ويكون لها نسخ احتياطي مستمر للحـفاظ على مكوناتها. أشهر العملات المشـفرة هي لايتكوين، إيثوريم وأخيرًا الشهيرة والقـائد لكل حِراك ” بيتكويــن “.

العملات المشفرة لعقود من الزمن وهي بين المطـرقة والسنـدان، بين مؤيد لها ويتغنـى بها وبالديموقراطـية التي تقدمها من خلال أنها سحبت البساط من البنوك المركـزية والأسواق المـالية في عملية صناعة المال وإدارة المعروض النقدي، ويتغنون أيضًا بنظام المعالجة والتسجيل اللامركزي على أنه أكثر أمانًـا من الأنظمة التقليدية وبقدرتها على الحماية من التضخم وسهولة تحـويل الأموال من خلالها ويعتبـرونها أداة استثمار مربحـة في المدى القصير والطويل أيضًا. 

الجانب الأخر من الحكاية هو المعارض للعمـلات المشفرة حيــث يراها ضرب من الوهـم، يومًا ما ستتبدد للأبــد دون خط للعودة، بما أن ليس لديها أصل ترتكز عليه خلـفها يحميها من السقوط، وابتعادها عن مركزية الدول والأنظمة والبنوك المـركزية وأيضًا عدم توسعها على نطاق واســع مقارنة مع العملات التقليدية. وتُهاجم العملات المشفرة بشكل متكرر بسبب تحركاتها العنـيفة في الأسواق وتذبذبها العالي غير المبــرر والغير مترابط مع العوامل التي تعمل على تحــريك الأسواق الأخرى، وهذا التذبذب يؤثر على المشاريع المرتبطة بالعملات المشفرة كعملة لها، فلا يمكن تحديد بالضبط كم سيكون السـعر الخاص بها في اليوم، التالي وبذلك لا يمكن بناء نماذج مالية جيدة. وتُنتقد العمـلات المشفرة بشكل كبير بسبب تأثـيرها البيئي السـلبي حيث إنها تستخدم طاقة كهربائية هائـلة في عمليات التعدين.

كان عام 2023م هو عام التعافي لأسواق العمـلات المشفرة بعد عام 2022م المـليء بالتحديات للعالم وللأسواق، ولكن لم تتـعافى بشكل كامل حتى تعرضت من جديد للكثير من الضغوط القوية القادمة من المنظمين العالمييـن والتشريع الصارم عليها، أيضًـا في نوفمبـر 2023م تعـرضت باينس وهي أكبر منصة لتداول العملات المشفـرة الى أكبر مخالفة مالية في تاريخ الولايات المتحدة على الشركات بعد تغـريمها 4 مليار دولار كتسوية يجب دفعها لبعض الوكالات الأمريكـية، ولكن بعد كـل هذا الحطام ارتفعت الأسواق الخاصة بها بعدها بأسابيع قليلـة. من المتوقع أن ترتفع أرباح العملات المشفرة في 2024م الى 50 مليار دولار، بمعدل نمو تراكبي يُقدر بـ 8% حتى عام 2028م، أيضًـا من المتوقع أن يصل عدد المستخدمين لها مليار مستخدم لنفس العام 2028م، حيث بدأ هذا جلـيًا بعد الصعود الهائل لبيتكوين بتسجيلهـا مستويات 60-70 ألف دولار في نهاية الربع الأول من 2024م.

يحمل الأصل الطليـق البعيد عن كل تشريع في ثناياه الكثير من المخاطر والفوضـى، حيث لم تقم أي حكومة من الحكومات في جميع أنحاء العالم حتى الان بدراسة كاملة لكيفية التعامل مع العملات المشفرة، لذا فإن التغييرات التنظيمية والتشريعات الجديدة لديها القدرة على التأثير على السوق بطرق لا يمكن التنبؤ بها، وبذلك تتولـد تحركات عنيفة في الأسعار قد تكون هي نهــاية بعض المستثمرين في تلك الأسواق، ويعتبر النظام اللامركزي لها جديد بشكل نسبي، وبذلك من الممكن استخدامها بشكل غير شرعي في تجارة المخدرات أو دعم الجهات الغير مرخصة، مما يؤثر سلبًا على السوق الخاص بها وسمعته، بالإضافة الى ذلك بدأ القلق يتزايد بخصوص عمليـات الاحتيال في تلك الأسواق بسبب طبيعة محافظها الرقمية واعتمادها بشكل كبير على التكنولوجيـا التي لا تكون بطبيعتها متكافئة المعرفة لدى المستثمرين وخصوصًا الأفراد. الخطر الأكبر القادم في الاستثمار في العملات المشفرة هو التنظيـم الضعيف للغاية لتلك الأسواق، حيث من الممكن أن يمتد الأفلاس للمستثمرين في منصة لتداول العملات المشـفرة بمجرد إعلانها الأفلاس وليس هنـاك أي تنظيم أو تشريع للتعويض أو المطالبة بتلك الأموال. 

 من مخاطر العملات المشفرة كنظام للمدفوعـات هو أن نظام المدفوعات لديها لا يأتي مع حماية قانونية على عكس النظام التقـليدي – على سبيل المثال – تتمتع بطاقات الائتمان وبطاقات الخصم بالحماية القانونية في حالة حدوث خطأ ما، فإذا كان المستخدم بحاجة إلى الاعتراض على عملية شراء، فإن شركة بطاقة الائتمان الخاصة به يمكنها مساعدته في استرداد أموالـه. بالإضافة الى أنه لا يمكن التراجع عن مدفوعات العملات المشفرة على عكس النظام التـقليدي، وبالتأكيد الأهم أن نظام المدفوعات الغير مركزي هذا عُرضه للكثير من عمليات النـصب والاحتيال.

مضت عقـود من الزمن ولا زالت العملات المـشفرة حديث جدل وتنـاقض لا ينتهي، والسبب الأبــرز في هـذا أنها عائمة ” بلا هويـة ” ولا أصل يُغطيها عندما تتهـاوى إلى القـاع، على عكس الدولار – على سبيل المـثال – عند سقوطـه يومًا ما كما هو الحال لكل هيمنـة عبر التاريـخ فأن الولايات المتحدة بتاريخها وعنفوانها القديم ستمنع هذا السقوط ولو كلفها هـذا الكثيـر، ولكن من يدري فمن الممكن أن تُهيمن يومًا على الجمـيع لتتصـدر بذلـك المشهـد تمامًـا!

اقتبـاس اقتـصادي: “ معظم المستثمرين يريدون أن يفعلوا اليوم ما كان ينبغي عليهم فعله بالأمس.” – لاري سامرز

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق أسعار الذهب ترتفع 14 دولارًا مع تراجع العملة الأميركية
التالى مشروع هيدروجين أخضر في مصر يقترب من خطوة جديدة