التحول الرقمي والأمن القانوني

التحول الرقمي والأمن القانوني
التحول الرقمي والأمن القانوني

أولاً: اختر رسالتك في الحياة بعناية ، فالحياة على مشارف الانتهاء، لتترك فكراً مؤثراً في عقل المجتمع يقود التغيير والسمو بالعقل والعلم والإيمان – أحمد الزمام

في خضم التحول الرقمي الكبير الذي يمر به العالم أجمع والتطور التكنولوجي المستمر باستكشافاته بشكل سريع ، فإن التحديات القانونية في حماية البيانات للأفراد والمؤسسات بكافة أوصافها أصبحت هدفاً رئيسياً للإدارات القانونية والمختصين بالجانب القانوني لتوفر الأمان القانوني لهذه البيانات والاستعداد لأي هجمات سيبرانية قد توجهه عليها خاصة مع تزايد الاعتماد على الخدمات والمعاملات الرقمية ، وضمان الامتثال للتشريعات واللوائح المحلية والدولية بهذا المجال ، وانتهاكات الأمان السحابي وتسريب البيانات الداخلية، وهذا التحدي يطلب تكاتف الجهات الحكومية والخاصة لتوفير تشريعات ولوائح يتم تحديثها بشكل مستمر بحيث تتكيف مع طبيعة هذا المجال التقني والذي يُميزه تطوره السريع الأمر الذي لم ينشأ عليه القطاع القانوني والتشريعي، فإن هناك فرص كبيرة في تحقيق أعلى درجات الأمان القانوني.

ولعل في لبداية الأمر نتحدث عن أبرز المشاكل التي وقعت في هذا المجال وهو نقص الوعي والتدريب لدى المؤسسات والأفراد وعدم معرفتهم بطرق الوقاية من أي تهديدات أو احتيالات قد تواجههم وتؤثر على مركزهم القانوني ، فقد تعرضت شركة (Nintendo) في عام 2020 لتسريب بيانات ما يزيد عن 16 مليون مستخدم على خوادمها  ، وكذلك تعرضت شركة (Capital One) في عام 2019 لاختراق تسبب في التأثير على بيانات 100 مليون عميل لديهم ، إن مثل هذه المشاكل يمكن للمنظمات تفاديها أو التنبؤ بحدوثها وذلك من خلال قيام الإدارة القانونية بها ببعض الإجراءات والخطوات في سبيل تحقيق الأمان القانوني للمنظمة وهي وفق ما يلي:

  1. تقييم الوضع الحالي للمنظمة والأمن القانوني بها ومعرفة المخاطر والتهديدات التي تواجهها.
  2. وضع استراتيجية للأمان القانوني تتم من خلال ما يظهر من نتائج من تقييم الوضع الحالي للمنظمة ، ويجب أن تكون هذه الاستراتيجية شاملة وتتضمن الإجراءات والسياسات والتوعية الضرورية للامتثال وحماية البيانات.
  3. رفع مستوى الوعي والتدريب لدى موظفي المنظمة وذلك بشكل دوري .
  4. تقييم المخاطر القانونية بشكل مستمر وتحليلها، حيث يجب على الخصوص أن تقوم الإدارة القانونية بتحليل التشريعات واللوائح ذات العلاقة بالأمان وحماية البيانات وتقييم مدى أثرها على العمليات والأنشطة التشغيلية للمنظمة.
  5. تطوير السياسات والإجراءات داخل المنظمة والتحقق من مدى امتثالها ومواكبتها للتشريعات واللوائح المحلية والدولية 
  6. استخدام التقنيات الحديثة في التنبؤ لمثل هذه المشاكل التي قد تواجه المنظمة وبياناتها، والاستثمار في مثل هذه التقنيات.
  7. تطوير أنظمة مراقبة الأمان الخاصة بالمنظمة والمشاركة مع الإدارة المختصة بالمنظمة لإعداد نظاماً تكنولوجياً متقدم للكشف المبكر عن أي أنشطة غير مشروعة على الشبكة وإبلاغ المختص في حالة الاكتشاف.
  8. رفع من مستوى التشفير والتصفيف الآمن وتطبيق البروتوكولات الآمنة لحماية البيانات المخزنة والمرسلة من التسريبات والوصول غير المصرح به.

ومن أبرز الجهات التي قامت باتخاذ بعض هذه الأجراءات التي تم ذكرها هي شركة IBM حيث قامت بتقديم حلولاً متكاملة في أمن المعلومات مثل (X-Force Threat) والذي يقوم على استخدام تقنيات التحليل الضخم والذكاء الاصطناعي للكشف عن التهديدات والتنبؤ بالهجمات السيبرانية، وكذلك قامت شركة (FireEye) بتقديم حلول أمان متقدمة تعتمد على تقنيات التحليل السلوكي والذكاء الاصطناعي للكشف عن التهديدات والتنبؤ بالهجمات السيبرانية ، وبالإضافة لما قامت به شركة (Apple) حيث نشرت سياسات صارمة لحماية بيانات المستخدمين وتوفير الأمان القانوني لجميع منتجاتها وخدماتها والتحديث المستمر المنتظم لنظامها وسد الثغرات الأمنية به، ومن الجانب التشريعي لعل أبرز من قاد هذا التحدي هو الاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية من خلال سن تشريعي يُعني بحماية البيانات الشخصية وتشريعات أخرى ومبادئ تتعلق بالذكاء الاصطناعي واستخداماته.

إن هناك حاجة ماسة لوجود سياسات وإجراءات تتعلق بالأمان القانوني في مجال التحول الرقمي، ويجب أن تكون هذه الإجراءات والسياسات فعالة وتحافظ على البيانات وتتسم بالصرامة في التطبيق ، فقد أصبحنا نرى هناك استغلال للتقنية الحديثة في جوانب إجرامية كالتي نشاهدها من تغيير للأصوات والتعرف على الوجه ومشاكل الاحتيال المالية والتصيد الإلكتروني ، ويجب أن يقابل هذه الإجراءات والسياسات توعية بأهمية الأمان القانوني.

أخيراً: يقول محمود البارودي:

من صاحب الْعَجْزَ لم يَظْفَرْ بما طَلَبَا

فارْكَبْ من الْعَزْمِ طِرْفاً يَسْبِقُ الشُّهُبَا

لا يُدْرِكُ الْمَجْدَ إِلا من إِذَا هتفت

بِهِ الْحَمِيَّةُ هَزَّ الرُّمْحَ وَانْتَصَبَا

فَاحْمِلْ بِنَفْسِكَ تَبْلُغْ ما أَرَدْتَ بِهَا

فَاللَّيْثُ لا يَرْهَبُ الأَخْطَارَ إِنْ وَثَبَا

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق السعودية الخضراء وعلاقة التقنية لتحقيق التنمية المستدامة
التالى الحماية القانونية للملكية الفكرية في ظل تحديات العصر التكنولوجية